نعمة محمد عبد الرحيم مدير إدارة المنتدي
عدد المساهمات : 1638 تاريخ التسجيل : 11/11/2010 العمر : 70 الموقع : مصر/المنيا
| موضوع: الكثير من الحب (أخيراً سيرتاح!) الأربعاء مايو 18, 2011 6:17 pm | |
| [ b]الكثير من الحب (أخيراً سيرتاح!)
بقلم د. أيمن الجندى ١٨/ ٥/ ٢٠١١ كالعادة، وكما يحدث كل يوم فى المدرسة، ظل المعلم يتندر على غبائه والتلاميذ يضحكون. احتمل السخرية والمهانة، محاولاً أن يحبس دموعه حتى لا يزيد الضحك ويشمت الشامتون.
انتهت ساعات المدرسة، وسار منفردا بنفسه، مُطلقا العنان لدموعه. استوقفه شيخ تبدو عليه الحكمة. اطمأن إليه، أفضى إليه بهمومه، تحدث عن غبائه وفشله. قال له الشيخ وهو يضحك: «أنت محظوظ لأنك تملك ثروة كبيرة، وهى العمر والشباب».
قال الولد: «أنا مستعد للتنازل عن الشباب طواعية مقابل أن أصبح ذكياً وأسترد مكانتى فى المدرسة». سأله الشيخ: «هل أنت مستعد أن نتبادل: تأخذ الحكمة وتتنازل عن الشباب؟»، قال: «بالتأكيد أوافق».
تمّت الصفقة، أخذ الذكاء والحكمة وتنازل عن الحيوية والشباب. سار فى الطريق فوجد صبياناً يلعبون الكرة، طلبوا منه أن ينضم إليهم، رفض، شعر بسخافة اللعبة، ما قيمة أن يركض الإنسان وراء كرة منفوخة بالهواء! استفزهم رفضه، ضربوه، مرغوه فى التراب، حاول أن يدافع عن نفسه، لكنه فشل. اكتسب المعرفة وفقد القوة. قام ودموع القهر تملأ عينيه، أحس أنه خُدع، وأن الحكمة لا توازى الصبا. سار فى الطريق يبحث عن الشيخ ليرد إليه الصفقة، ويسترد الشباب.
■ ■ ■
شاهد أقوى ولد فى الحى. كان يقف حزيناً وفى عينيه نظرة يأس، لأنه رسب فى الامتحان. اقترب منه، تبادلا الشكوى، اتفقا على المبادلة، أعطاه الحكمة وأخذ القلب الجسور. عاد إلى الأولاد الذين ضربوه فضربهم وانتقم لكرامته.
سار فى الطريق سعيداً، شاهد بنتا جميلة أعجبته، لها ضفيرة طويلة وعينان ساحرتان. تقدم فى جسارة طارئة عليه، غازلها، أراد أن ينال إعجابها بأى ثمن، افتعل معركة وضرب ثلاثة أولاد. نظرت إليه فى اشمئزاز. أخبرته أنها تكره الهمجية وتعجب بالفتى الرقيق الحساس. ولّته ظهرها فى ازدراء، أخرجت ديوان شعر، وراحت تتلو الأشعار.
أسقط فى يده، سار وهو يشعر باليأس. شاهد شاعر الفصل يبكى، لأنه سئم الشعر فى عالم لا يعبأ سوى بالأقوياء. تبادلا الشكوى، تمّت الصفقة، ترك له القلب الشجاع وأخذ منه الشعر الرقيق. عاد إلى الفتاة فأنشدها الشعر، غَزَل لها من ضياء القمر فستانا، وقعت البنت فى غرامه، لكنّ أباها رفض أن يزوجها له لأن الشعر لا يُطعم الأفواه.
■ ■ ■
سار حزينا، شاهد أغنى فتى فى المدينة يبكى، لأن الناس يحبونه لماله لا لشخصه. تبادلا الشكوى، اتفقا على الصفقة، أخذ الغنى وأعطاه العاطفة... إلخ.
وهكذا مرت الأيام. تتابعت الأعوام عاماً فعاما. كان الولد أثناءها قد كبر، وعقد عشرات المبادلات باحثا عن سعادة لم يشعر بها فى يوم من الأيام. لم يعد يدرى ما جاء وما ذهب! وما الذى اكتسبه وما الذى فقده. وفجأة اجتاحه الألم. جاءته النهاية تعتصر العافية. جاءه الموت يحمل السلام النهائى. لكنه لم يشعر بخوف ولا أسى. بالعكس تماما، أحس بالسكينة الكاملة لأن ركضه خلف السراب سينتهى، وأنه- أخيراً - سيرتاح!!.[/b] | |
|