نعمة محمد عبد الرحيم مدير إدارة المنتدي
عدد المساهمات : 1638 تاريخ التسجيل : 11/11/2010 العمر : 70 الموقع : مصر/المنيا
| موضوع: ( مساحة رأى )ابتزاز المثقفين للعسكر الخميس أبريل 07, 2011 4:11 pm | |
| ]size=18]( مساحة رأى )ابتزاز المثقفين للعسكر
أخشى على المجلس العسكرى الحاكم فى مصر من ابتزاز بعض المثقفين، ذلك أنه بعد التدمير المنظم لمؤسسات المجتمع المدنى فى مصر، وفى غياب أوعية تعبر عن ضمير المجتمع وأشواقه. فإن وسائل الإعلام صارت المنبر الوحيد تقريبا الذى يمكن أن ترفع من خلاله الأصوات، وتوجه الرسائل إلى السلطة والمجتمع. وهو اعتبار لم يكن غائبا عن أجهزة النظام السابق، بدليل أنها وزعت قوائم على القنوات التليفزيونية الخاصة والعامة بمنع أسماء معينة من الظهور فى برامجها، كما أن السياسة ذاتها اتبعت مع الصحف القومية التى أقصيت منها أسماء كثيرة، ولدى خبرات شخصية فى هذا الصدد ربما فصلت فيها يوما ما.
كانت نتيجة ذلك الوضع أن شرائح معينة من بين الإعلاميين والمثقفين سمح لها بأن تتصدر الواجهات وتحتكر منابر التعبير، حتى أصبحت صاحبة الصوت الأعلى، وتحولت بمضى الوقت إلى مركز قوة جذب أطيافا متعددة. ربما اختلفت فى توجهاتها السياسية والفكرية، لكن ظل القاسم المشترك الأعظم بينها الذى اتفقت فيه مع النظام السابق هو الحساسية إزاء التوجه الإسلامى بشكل عام، وإساءة الظن بمختلف الفصائل المنتمية إليه. ولذلك ظل إقصاء المنسوبين إلى تلك الدائرة من مسلمات تلك الشرائح «وثوابت» موقفها.
لم يختلف الأمر من هذه الزاوية بعد قيام ثورة 25 يناير. يؤيد ذلك أن تلك الشرائح استنفرت حين شكل المجلس العسكرى لجنة تعديل الدستور، التى ضمت ثمانية من كبار رجال القانون، وتبين أن أحدهم عضو فى جماعة الإخوان المسلمين، فى حين رأسها المستشار طارق البشرى وهو قانونى ضليع ومؤرخ للحركة السياسية فى مصر حقا، ولكن يعيبه ــ من وجهة نظرهم ــ أنه مسلم ملتزم غيور على دينه، هذه الخطوة أثارت قلق إخواننا هؤلاء، باعتبارها خرقا لثوابت الإقصاء المتعارف عليها، حتى أزعم أن بعضهم حدد موقفه الرافض للتعديلات لهذا السبب وحده.
شهدت قبل أسابيع قليلة لقاء للكتاب والمثقفين مع ثلاثة من ممثلى المجلس العسكرى، وفيه انتقد أحد الشعراء بانفعال وغضب شديدين فكرة أن يكون واحد من الإخوان عضوا فى لجنة الثمانية، كما استهول أن يرأس اللجنة رجل «قريب جدا من الإسلاميين» (هكذا قال). ذكر آخر معاتبا أن الناس بدأوا يتشككون فى موقف أعضاء المجلس، مضيفا أن كثيرين باتوا يتساءلون: كم عدد المتعاطفين مع الإخوان بين أولئك الأعضاء. وكنت قد أشرت فى مقال الثلاثاء الماضى 5/4 إلى أن رئيس تحرير إحدى الصحف الأسبوعية (الفجر 4/4) ذكر أن الثورة ماتت لان أهل السلطة تركوا للإخوان مهمة تعديل الدستور (حين ضم واحد منهم فقط إلى لجنة الثمانية!).
لست أشك فى أن أعضاء المجلس العسكرى سمعوا من آخرين أيضا أمثال تلك الانتقادات والغمزات، كما أننى لا أشك فى أنهم طالعوا أو تابعوا تعبيرات أخرى عن ذات الموقف فيما نشرته أو بثته مختلف وسائل الإعلام. لذلك فإننى لا أستبعد أن يكون بعض أعضاء المجلس العسكرى قد تأثروا بتلك الضغوط، ومن ثم حاولوا أن يدفعوا عن أنفسهم «الشبهة» أو «التهمة» التى رماهم بها أولئك النفر من المثقفين. على الأقل فما قاله اللواء محمد مختار الملا مساعد وزير الدفاع وعضو المجلس العسكرى فى لقائه مع القيادات الصحفية قرينة دالة على ذلك، فقد نشرت له جريدة الأهرام فى عدد الثلاثاء 5/4 قوله فى ذلك اللقاء إن المجلس (العسكرى) لن يسمح لقيادات متطرفة بالسيطرة على مصر، وكان العنوان الرئيسى للصفحة الأولى أن مصر لن تكون إيران أو غزة. وهو خطاب يعيد إلى الأذهان لغة مرحلة «المحظورة». إذ لا أظن أنه يقصد السلفيين أو المتصوفة بالإشارة الأولى، ثم إن غمزه فى غزة التى تديرها حكومة حماس ترجح المعنى الذى خطر لى. علما بأن حماس فى غزة لم تقفز على السلطة ولكنها تولتها بعد انتخابات حرة فازت فيها بأغلبية الأصوات فى المجلس التشريعى. أما ذكره لإيران فلا وجه للمقارنة به، لأن نظامها قائم على ولاية الفقيه التى هى من خصوصيات المذهب الشيعى التى لا تتطابق مع ظروف مجتمعات أهل السنة.
لم أسترح لقول اللواء الملا أيضا إن المجلس العسكرى لن يسلم السلطة ويذهب إلى شرم الشيخ، بما يعنى أنه لن يتنحى، وإنما سيظل ساهرا على حماية النظام الجديد. وهى إشارة تبدو متأثرة بدعوات بعض المثقفين إلى استلهام النموذج التركى فى نظام الحكم. الذى بمقتضاه ظل الجيش حارسا للعلمانية ووصيا على السياسة. وهى رسالة غير بريئة لأن ذلك الوضع فرض على تركيا قبل أربعين عاما، ثم تخلصت منه فى مرحلتها الديمقراطية الراهنة، التى انتقلت إليها فى عام 2002، بعدما تولى السلطة حزب العدالة والتنمية. علما بأن تركيا وهى تحت وصاية الجيش شهدت أربعة انقلابات عسكرية.
لاتزال ثقتنا كبيرة فى مواقف المجلس العسكرى ونزاهته السياسية. وهذه الثقة هى التى تدفعنا إلى التحذير من ابتزاز بعض المثقفين ممن يتمتعون بكثير من المعرفة وقليل من البراءة.يتامى مسرحية التوريث يتحولون إلى فيلم «الصحوة العربية»
[/size] | |
|