]center]وجهة نظر (الدبلوماسية الشعبية لمصر الثورة
بقلم د.حسن نافعة ٦/ ٥/ ٢٠١١
انطلقت الدبلوماسية الشعبية المصرية بقوة خلال الفترة الماضية للبحث عن حل لأزمة دول حوض النيل، التى كانت قد تفاقمت كثيرا فى الآونة الأخيرة، خاصة بعد قيام أوغندا بالتوقيع على اتفاقية إطارية، رفضتها مصر والسودان، من شأنها أن تلحق ضررا جسيما بحقوقهما التاريخية فى مياه النهر، إذا قُدر لهذه الاتفاقية أن تدخل حيز التنفيذ بصيغتها الحالية. فمنذ ما يقرب من أسبوعين قام وفد من ٣٥ شخصية مصرية، يضم ممثلين عن مختلف الأحزاب والقوى السياسية وشباب ثورة ٢٥ يناير وشخصيات عامة، بزيارة لأوغندا وعاد منها إلى مصر متوجاً بإنجاز مهم، ألا وهو وعد من الرئيس الأوغندى يورى موسيفينى شخصيا بتجميد عملية التصديق على الاتفاقية الإطارية التى وقعت عليها حكومة بلاده رسميا لكنها لم تدخل حيز التنفيذ لأنها لم تُعرض بعد على البرلمان الأوغندى.
بل وقد ذهب الرئيس الأوغندى، فى معرض تأكيده على حسن النوايا، إلى حد التأكيد على أنه سيسعى جاهدا إلى استصدار قرار جماعى من قادة دول حوض النيل لوقف تنفيذ الاتفاقية الإطارية، مؤكدا أهمية أن تكون مصر شريكة فى أى اتفاق يتعلق بحوض نهر النيل.
ومنذ عدة أيام قام وفد آخر، ضم ٤٨ شخصية تمثل مصر الشعبية بكل أطيافها، بزيارة إلى إثيوبيا، وعاد محملاً أيضا بإنجازين مهمين، أكدهما رئيس الوزراء ميليس زيناوى بنفسه.
الإنجاز الأول: وعد بتأجيل تصديق البرلمان على الاتفاقية الإطارية إلى أن يتم انتخاب برلمان ورئيس جديدين لمصر، وذلك لإتاحة الوقت الكافى لمصر لدراسة الاتفاقية، وبحث إمكانية التوقيع عليها بعد الاطمئنان إلى أن سد الألفية لن يلحق أى ضرر بالحقوق والمصالح المصرية.
الإنجاز الثانى: السماح لفريق من الخبراء، يتم الاتفاق على تشكيله لاحقا بين الطرفين ويضم مصريين، بفحص مشروع هذا السد من كل جوانبه، والذى تم التأكيد على أنه يستهدف فقط توليد الطاقة وليس احتجاز المياه للرى، وإبداء الاستعداد لإدخال أى تعديلات من شأنها زيادة اطمئنان الجانب المصرى إلى أن الغرض من هذا المشروع تحقيق مصلحة عامة للجميع وليس إلحاق الأذى بأحد.
كان طريق الدبلوماسية الشعبية إلى أفريقيا ممهداً بتاريخ مجيد وبحاضر مشرق. أما التاريخ المجيد فهو سياسة مصرية حاضنة لكل حركات التحرر الأفريقى، كان جمال عبدالناصر قد صاغها فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى، وظلت رغم رحيله منذ أكثر من أربعين عاما حاضرة بقوة فى ذاكرة زعماء وشعوب أفريقيا.
ولا جدال فى أن وجود عبدالحكيم جمال عبدالناصر فى وفد الدبلوماسية الشعبية كان مهماً للتذكير بهذا الفصل المهم والمجيد فى تاريخ العلاقات المصرية - الأفريقية.
وأما الحاضر فصنعته ثورة ٢٥ يناير الموحدة لكل أطياف الشعب المصرى والملهمة لكل شعوب العالم، ومنها الشعوب الأفريقية، والعاكسة لأصالة شعب مصر وعراقة حضارته. والواقع أنه ما كان لوفد الدبلوماسية الشعبية أن يستقبل أصلا بهذه الحفاوة، فى ظل التوتر الحالى للعلاقات مع دول حوض النيل، لولا توافر هذين العاملين اللذين لعبا دورا مهما فى تجاوز أخطاء وخطايا الرئيس المخلوع، والتمهيد لصفحة جديدة فى العلاقات بقلب مفتوح وبحسن نية.
غير أن الإنصاف يقتضى فى الوقت نفسه أن نعترف بحقيقة مهمة أخرى وهى أن وفدى الدبلوماسية الشعبية مارسا الدور المطلوب منهما بكل كفاءة وحرفية. وكان أهم ما لفت نظرى، طبقا لما سمعته من بعض الأصدقاء المشاركين قبل وبعد الزيارة، ومما قرأته أو رأيته لاحقا، أن الجميع عمل بروح الفريق، وأن الإعداد الذى سبق الزيارة كان جيدا ودؤوبا، وأن الجهود تكاملت لتصب كلها فى اتجاه واحد وهو تجسيد الوطنية المصرية فى أروع صورها ومعانيها.
ولأن روح مصر الثورة كانت حاضرة فى هذين الوفدين من وفود الدبلوماسية الشعبية، اللذين ضما مسلمين ومسيحيين، شباناً ومخضرمين، سياسيين ومهنيين، وكأننا بالضبط فى ميدان التحرير، فقد كان من الطبيعى أن يصنعا ما يشبه المعجزة. فتحية إلى كل من شارك فيهما.
لكن، متى ندرك أن هذه هى الطريقة الوحيدة التى تمكننا سويا من بناء مصرنا الجديدة التى نتطلع إليها بكل شغف. ومتى نستعيد روح ميدان التحرير من جديد عند معالجتنا قضايانا الداخلية فى تلك المرحلة الحساسة وبالغة الخطورة.
[/center]