عادل حسان سليمان العضو المميز
عدد المساهمات : 77 تاريخ التسجيل : 23/11/2010
| موضوع: في أصول الوحدة الوطنيةلمسلمي وأقباط مصر(1) بقلم: د. طه عبد العليم الإثنين ديسمبر 27, 2010 3:48 pm | |
| ليس الانتقال من الحديث عن نيل مصر إلي الحديث عن وحدة المصريين إعادة نظر في أولوية ما أتناوله; ببساطة لأن القضيتين تمثلان أهم قضايا أمن مصر القومي, ويدفع الاستغراق بعيدا عن أي منهما إلي تهديد مصير الوطن ومستقبل الأمة.
ومن هذه الزاوية أزعم أن جريمة نجع حمادي وتداعياتها تفرض ليس مجرد الاعتذار الواجب من جانب المسلمين عما قام به سفهاء منهم, أو الاعتذار الواجب من جانب الأقباط عن رد فعل جهلاء منهم, سواء في الأحداث الأخيرة أو ما سبقها من أحداث منذ السبعينيات. فالأهم من وجهة نظري أن ينهض أصحاب الفكر من مسلمي وأقباط مصر بواجبهم في إعادة الوعي بأصول الوحدة الوطنية للمصريين. والواقع أن إعادة قراءة تاريخنا الحديث منذ الحملة الفرنسية تكشف تواصل المخططات الخارجية التي استهدفت تفكيك وحدة نسيج الأمة, والتي تصدي الوعي الوطني الشعبي والسياسي لإفشالها بفضل المواقف المسئولة والبناءة لمسلمي وأقباط مصر. وأبدأ بصاحب شخصية مصر, جمال حمدان, الذي يخلص إلي أن الوحدة الطبيعية إن تكن أخص خصائص الوطن السياسي المصري كقطعة من الأرض, فإن الوحدة الوطنية هي بلا ريب أبرز ملامح المجتمع السياسي الذي احتواه ذلك الوطن عبر العصور كقطعة من الإنسانية. ومن جماع الوحدة الطبيعية والوطنية بالدقة والضبط, جاءت وحدة مصر السياسية, بلا زيادة ولا نقصان! ومن وحدة الأصل العرقي, إلي وحدة اللغة, إلي الوحدة السيكولوجية, جاء تطور الوحدة الوطنية. فبغير وحدة اللغة لا وحدة لشعب.. لأنها وحدة الفكر, وبغير ما يراه حمدان الوحدة الدينية وأراه التسامح الديني.. تتأثر سلبا وحدة الشعب, وتؤلف وحدة اللغة مع التسامح الديني ركيزة الوحدة الثقافية, التي هي تراث الوطن وطابع الأمة. ويصنع كل ما سبق الوحدة السيكولوجية, أي وحدة المزاج والطبع والنفسية والعقلية والسلوك والعادات وطريقة الحياة.. الخ. وقد تسبب الفروق الحادة في الأصل العرقي داخل الدولة مشكلات سياسية أكثر حدة, لكن مصر تملك من هذه الوحدة أقصي درجة يمكن أن تحوزها دولة في مثل مساحتها وعددها, رغم أنها كانت دائما مجتمعا مفتوحا متفتحا; لم يعرف كراهية الأجانب, ولا عرف التعصب العرقي أو الحاجز اللوني, كما يسجل صاحب شخصية مصر. ولعل مصر من البلاد المعدودة التي تمثل خير تمثيل مقولة أن المواطنين في التحليل الأخير هم كل أولئك الذين يظلهم الوطن واندمجوا فيه وأقاموا به بصفة دائمة. ووحدة الأصل بين المسلمين والأقباط ليست علميا إلا تحصيل حاصل ومجرد بديهية, ببساطة لأن تكوين مصر العرقي سابق علي تكوينها الديني, حيث الأساس القاعدي لسكان مصر أسبق من المسيحية بأكثر من3200 سنة, ومن الإسلام بأكثر من4000 سنة, علي أقل تقدير! وكما يعلن سليمان حزين, مؤلف حضارة مصر, فإن' الطابع الجنسي العام للمصريين قد وجد واتخذ صورته المميزة قبل أن يكون هناك أقباط ومسلمون'! وأن المسلمين ليسوا' دخلاء' علي مصر في أي معني ولا هم أقل' مصرية' في الأصل عن الأقباط, ولا يقل المسلمون قربا من المصريين القدماء عن الأقباط, وإذا كان بعض المسلمين قد داخلتهم دماء عربية أو غير عربية, فإن الأقباط قد داخلهم بعض مؤثرات خارجية من خلال الزواج المختلط مع بعض العناصر والجاليات المسيحية الشامية والأوروبية. وليس جديدا أن أقول إن معظم المسلمين المصريين إنما هم معظم القبط المصريين الذين أسلموا بالأمس, وأن أقباط اليوم هم بقية قبط الأمس الذين استمروا علي عقيدتهم السابقة. ومن هنا نستطيع أن نتفهم, قول البعض إن المصريين إما' قبط مسلمون' وإما' قبط مسيحيون', حيث كلمة قبط مرادف لكلمة' إيجيبت' أي مصر. وعوضا عن أخوة الدين والعقيدة, هناك أخوة الوطن والعرق, فالكل مصريون قبل الأديان وبعدها.. وحتي اللورد كرومر حاكم مصر الفعلي في أعقاب الاحتلال البريطاني قد اعترف بهذا, فكتب في مؤلفه' مصر الحديثة',' القبطي من قمة رأسه إلي أخمص قدمه, في السلوك واللغة والروح, مسلم! وإن لم يدر كيف؟'. ولم تعرف مصر الحديثة التعصب الديني أو التفرقة الطائفية. والثابت المسجل أنه لم تقع أية صدامات أثناء الحملة الفرنسية, ولا أثناء الثورة العرابية بشهادة عبد النديم, دعك من ثورة1919, التي جسدت الوحدة الوطنية. ويمكن لأي عابر سبيل في مصر أن ينظر الي اللاندسكيب المدني, حيث تبرز أبراج الكنائس العديدة بكثافة أعلي بكثير من كثافة الأقباط. ورغم كل محاولات أعداء مصر لخلق مشكلة الطائفية أو مشكلة الأقليات لضرب الوحدة الوطنية, فإنه من الثابت المحقق, بل- وفشلت الإستراتيجية التقليدية' فرق تسد; بتأليب الأقباط بالمسلمين ضد بعضهما البعض, وإيهام كليهما بأخطار ومخططات وهمية. وكان موقف الأقباط في وجه الإستراتيجية الاستعمارية بناء للغاية, فقد رفضوا كل مناورات وإغراءات ودسائس الاحتلال البريطاني لاحتضانهم وفرض حمايته المزعومة عليهم. وإذا كان بعض المسلمين قد والي الأتراك في تلك اللعبة, وكان بعض الأقباط قد والي الإنجليز, فلم يكن ذلك عن خيانة بل عن جهالة, ولا عن نقص في الوطنية ولكن عن نقص في التفكير,' وما منع الإسلام تركيا, ولا المسيحية إنجلترا, أن تظلم مصر كلها باستعمارها, ثم باستغلالها, وتعويقها, وقهرها', كما كتبت نعمات فؤاد في' أعيدوا كتابة التاريخ'. وقد انعكس رد مصر علي اللعبة السياسية الاستعمارية المزدوجة بصورة رائعة في ثورة1919 وفيما بعد في الفترة الأخيرة ساهموا مساهمة مشرفة في حروب التحرير وفي صنع أكتوبر
| |
|
عادل حسان سليمان العضو المميز
عدد المساهمات : 77 تاريخ التسجيل : 23/11/2010
| موضوع: رد: في أصول الوحدة الوطنيةلمسلمي وأقباط مصر(1) بقلم: د. طه عبد العليم الإثنين ديسمبر 27, 2010 3:48 pm | |
| وإذا كان قد وقع خلال تلك المراحل النضالية كلها بعض' أحداث مؤسفة', فهي حالات فردية بحتة وثانوية للغاية لا تنفي القاعدة العامة بقدر ما تؤكدها, كما أن أغلبها ينبع لا من سوء النية ولكن من سوء المعرفة, إن لم يكن الجهل المخجل حقا. من ذلك مثلا صيحة البعض العصبية المفلوتة بعد هزيمة يونيو' فليعودوا إلي صحراء العرب التي أتوا منها!'- يقصدون المسلمين, كما ذكر جمال حمدان, وأضيف إدعاء البعض الجاهل الغشيم من دعاة الدولة الدينية بأن' أقباط مصر مجرد أهل ذمة في ضيافة المسلمين لا مواطنين لهم كل حقوق المواطنة'!. ولم تنقسم مصر داخليا قط ولا عرفت التقسيم ولا هي قابلة للقسمة تحت أية ظروف أو ضغوط, مهما انفلتت الانفعالات واختلطت الأمور وتاهت الحقائق في ظل احتقان طائفي عابر. وحتي مثل هذا الاحتقان علي علاته له بعض الفضل في نزح وتصريف المستنقعات الفكرية الضحلة الآسنة والمفاهيم الخاطئة المنحرفة, الموروثة أو المكتسبة, التي عششت بعض الوقت في عقول البعض من الجانبيين. ولكن أجيال المسلمين والأقباط التي كافحت معا من أجل حرية الوطن ومساواة المواطنين بروح من الاحترام المتبادل, وحققت تفاهما عميقا وراسخا, كما سجل شارل عيسوي, حلت محلها أجيال نشأت تحت حراب التعصب والتطرف الديني وفتور الولاء والانتماء وأحداث الفتنة الطائفية ونزعات الاستقواء بالخارج والانتساب إلي غير الوطنية المصرية..إلخ. ومن ثم صار أمرا جد عظيم أن يسهم الفكر في إعادة الوعي بالوطنية المصرية. ولنتذكر أنه إذا كانت الأزمات الوطنية' اختبارا' قاسيا للوحدة الوطنية, فقد أثبت الأقباط فيها أنهم إذا كانوا لا يزيدون عن معظم المسلمين' مصرية' بالأصل العرقي, فإنهم لا يقلون عنهم' مصرية' بالحس الوطني. ومصر كما يلخص جمال حمدان- ليست بها مشكلة طائفية ولا عانت مشكلة أقليات, إلا أن تكون من صنع أو وهم المتآمرين من الخارج أو من إفرازات الانحطاط الثقافي في الداخل. وتظل مصر رمزا للوحدة الدينية مثلما تخرج علما علي الوحدة الوطنية. وبالأصل الإثنولوجي, كما بالوضع الاجتماعي, كما بالتوزيع السكني, يعد الأقباط من صميم الكيان الوطني المصري, وكتلة رصينة رصيفة من جسم الأمة المصرية شديدة التماسك فيه والالتحام به
| |
|
احمد عصام محمد سنوسى المشرف المميز
عدد المساهمات : 92 تاريخ التسجيل : 16/01/2011
| موضوع: رد: في أصول الوحدة الوطنيةلمسلمي وأقباط مصر(1) بقلم: د. طه عبد العليم الجمعة يناير 21, 2011 8:29 am | |
| أهلاً وسهلاً تعلمنا الكثير هنا واستفدنا من هذا الطكرح الراقي دمتم بحفظ الله ورعايته مودتي | |
|