نعمة محمد عبد الرحيم مدير إدارة المنتدي
عدد المساهمات : 1638 تاريخ التسجيل : 11/11/2010 العمر : 70 الموقع : مصر/المنيا
| موضوع: الخيط الرفيع واللحظة الحرجة الثلاثاء مارس 01, 2011 11:21 am | |
| [b]الخيط الرفيع واللحظة الحرجة
بقلم د.حسن نافعة ١/ ٣/ ٢٠١١ هناك دائما خيط رفيع يفصل بين الحق والباطل، ويفرض علينا واجب التحلى بالحذر، والتأنى فى الحكم على الأشياء، وتمحيص ما يُطْرَح علينا من أفكار، لنصبح فى وضع يمكننا من فرز الغث من السمين، والتمييز بين الخبيث والطيب. فكم من مرة تقمص المضللون ثوب الاستقامة، والجبناء ثوب الشجاعة، والانتهازيون ثوب الطهارة، بينما هم فى الحقيقة أبعد ما يكونون عن تلك القيم الإنسانية النبيلة، كى يتمكنوا من ركوب الموجة وقيادتها نحو وجهة لا تحقق إلا مآربهم الشخصية، ولا تشبع إلا طموحاتهم الأنانية.
أقول هذا بمناسبة ما يتردد فى بعض الأوساط الآن عن ضرورة التهدئة، وإخلاء الميادين والشوارع، وحث الجماهير على العودة إلى نمط الحياة العادية والانصراف إلى العمل والإنتاج، والتفرغ لعملية البناء بعد أن نجحت ثورة ٢٥ يناير، حسب زعمهم، فى تحقيق أهم أهدافها بالإطاحة برأس النظام الفاسد، وبعد أن حمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، التى يثق فيها الشعب ثقة تامة، على عاتقه مسؤولية إدارة شؤون البلاد خلال مرحلة انتقالية تعهد ألا تزيد على ستة أشهر. وقد عبر كثيرون عن وجهة النظر هذه عبر وسائل الإعلام المختلفة، خصوصا عقب التعديل الوزارى الأخير، الذى شهدته حكومة الفريق أحمد شفيق. ولأنها نفس وجهة النظر التى عبر عنها عدد لا بأس به من القراء فى تعليقاتهم على مقالى المنشور يوم الأحد الماضى تحت عنوان «الحركة فى الاتجاه الخاطئ»، أرى لزاما علىّ توضيح بعض المسائل المهمة، التى ربما يكون قد شاب فهمها بعض اللبس.
فرغم تفهمى الكامل لنبل الدوافع وراء الدعوة للتهدئة والعودة إلى نمط الحياة العادية، على أمل الحد من أضرار كبيرة لحقت بالاقتصاد المصرى منذ اندلاع ثورة ٢٥ يناير، فإننى لا أرى أى تعارض بين الحرص على تقليل الخسائر الناجمة عن استمرار الحالة الثورية قدر الإمكان، والإصرار فى الوقت نفسه على تحقيق أهداف الثورة كاملة غير منقوصة. ومن هذا المنطلق أضم صوتى إلى صوت القوى السياسية والاجتماعية الداعية للتركيز فى اللحظة الراهنة على مطالب سياسية عامة تستهدف إزالة ما تبقى من آثار النظام القديم، وفى مقدمتها تنحى حكومة شفيق والمحافظين وقيادات الصحف القومية ورؤساء الجامعات، وبدء الإجراءات اللازمة لتأسيس نظام ديمقراطى بديل، وتأجيل المطالب الفئوية، التى لن تؤخذ على محمل الجد أبدا إلا بعد الاستجابة لهذه المطالب السياسية العامة.
إننى مع التهدئة إلى أقصى درجة ممكنة، حين يتعلق الأمر بالمطالب الفئوية الخاصة، ومع التصعيد إلى أقصى درجة ممكنة، حين يتعلق الأمر بالمطالب السياسية العامة. والواقع أننى لا أرى أى مبرر يمكن أن يحول دون إقدام المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تشكيل مجلس رئاسى يضم عناصر مدنية لإدارة المرحلة الانتقالية، أو تكليف شخصية مستقلة بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى تمهد الطريق لبناء نظام ديمقراطى بديل.
كما لا يخالجنى أى شك فى أن التخلى عن أى من هذين المطلبين سيؤدى حتما إلى التمكين للقوى صاحبة المصلحة فى الالتفاف على مطالب الثورة وإجهاضها، وبالتالى فى إبقاء الوضع على ما هو عليه، مع الاكتفاء بتغييرات شكلية لن تسمن ولن تغنى من جوع، والتضحية بكباش يسهل أن يحل محلها طغاة وفاسدون أشد بأساً وجبروتاً. ولأنه ليس بوسع عاقل أن يقبل بإسناد مهمة بناء نظام سياسى جديد إلى شخصيات تنتمى لنظام قديم سقط وتكليفها بتنظيف ما تبقى منه، أطالب شرفاء هذا الوطن كافة بالسعى لبناء إجماع وطنى حول مطلبى تشكيل مجلس رئاسى لإدارة المرحلة الانتقالية، وتكليف شخصية مستقلة بقيادة حكومة إنقاذ وطنى.
من الخطورة بمكان أن يتوقف شعب قدم كل هذه التضحيات عند منتصف الطريق. فإما أن تواصل الثورة طريقها إلى أن تتحقق أهدافها كاملة، وإما أن تتوقف فتنتكس وتضيع كل التضحيات هدرا. واستمرار الثورة ليس معناه أبدا توقف دولاب العمل والنشاط. إذ يكفى خروج عشرات الملايين كل يوم جمعة، وهو يوم عطلة، حاملين هذه المطالب الموحدة، لتشكيل عنصر ضاغط وفعال يسمح بتقوية التوجهات المتبنية لمطالب الثورة داخل المؤسسة العسكرية. وربما يكون من المفيد أن يتواكب ذلك مع التحضير لانعقاد مؤتمر عام تشارك فيه كل الرموز الوطنية، على اختلاف توجهاتها السياسية والأيديولوجية لتبنى هذين المطلبين. فمصر تمر بأحرج لحظة فى تاريخها الحديث تفرض على نخبتها أن تتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر نأمل أن يكون قريبا بإذن الله.
[/b] | |
|